فصل: قال عبد الكريم الخطيب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



تنبيه:
قال الحافظ ابن كثير: اختلف العلماء فيما إذا اعترف الشاعر في شعره بما يوجب حدًّا. هل يقام عليه بهذا الاعتراف أم لا؟ لأنهم يقولون ما لا يفعلون- على قولين: وقد ذكر محمد بن إسحاق ومحمد بن سعد في الطبقات والزبير بن بكار في كتاب الفكاهة أن أمير المؤمنين عُمَر بن الخطاب رضي الله عنه استعمل النعمان بن عَدِيّ بن نَضْلة على مَيْسَان، من أرض البصرة. وكان يقول الشعر، فقال:
أَلَا هَلْ أَتَى الْحَسْنَاءَ أَنَّ خَليلَهَا ** بِمَيِسَانَ يُسْقَى فِي زُجَاجٍ وَحَنْتَمِ

إِذَا شِئْتُ غَنّتْني دَهَاقينُ قَرْيَةٍ ** وَرَقَّاصَةٌ تَحْثُو عَلَى كُلٍّ مَبْسمِ

فَإِنْ كُنْتَ نَدْمَانِي فَبِالأَكْبَرِ ** اسْقِنِي وَلا تَسْقِنِي بالأَصْغَرِ المُتَثلَّم

لعلَ أَميرَ المؤمنين يَسُوؤهُ ** تَنَادُمُنَا بِالْجَوْسَقِ المُتَهَدِّمِ

فلما بلغ ذلك أميرَ المؤمنين عُمَر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: إِي والله! إنه ليسوؤني بذلك. ومن لقيه فليخبره أني قد عزلته، وكتب إليه عمر: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ}. أما بعد فقد بلغني قولك:
لعلَ أَميرَ المؤمنين يَسُوؤهُ ** تَنَادُمُنَا بِالْجَوْسَقِ المُتَهَدِّمِ

وأيم الله! إنه ليسوؤني ذلك. وقد عزلتك.
فلما قدم على عمر. بكّته بهذا الشعر. وقال: والله! يا أمير المؤمنين! ما شربتها قط وما ذاك الشعر إلا شيء طفح على لساني. فقال عمر: أظن ذلك. ولكن، والله! لا تعمل لي عملًا أبدًا، وقد قلتَ ما قلتَ.
فلم يذكر أنه حدّه على الشراب، وقد ضمنه شعره. لأنهم يقولون ما لا يفعلون. ولكن ذمّه عمر ولامه على ذلك وعزله به.
وحكى الزمخشريّ عن الفرزدق أن سليمان بن عبد الملك سمع قوله:
فَبِتْنَ بِجَانِبَيَّ مُصَرَّعَاتٍ ** وَبِتُّ أفُضُّ أَغْلاقَ الْخِتَامِ

فقال: وقد وجب عليك الحدّ. فقال: يا أمير المؤمنين! قد درأ الله عني الحدّ بقوله: {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ}.
ثم استثنى تعالى الشعراء المؤمنين الصالحين، بقوله: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} أي: في شعرهم، بأن كان غالبه في توحيد الله والثناء عليه والحكمة والموعظة والآداب الحسنة: {وَانْتَصَرُوا} أي: بشعرهم على عدوّهم بأن هجوه: {مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} أي: فكان هجاؤهم على سبيل الانتصار ممن يهجوهم، جزاءً وفاقًا. قال الله: {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النساء: 148]، وقال تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194].
قال ابن كثير: وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لحسان: «اهجهم، أو قال هاجهم، وجبريل معك» ويروي الإمام أحمد عن كعب بن مالك أنه قال للنبيّ صلى الله عليه وسلم: إن الله عزّ وجلّ قد أنزل في الشعر ما قد علمت، وكيف ترى فيه؟ فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه. والذي نفسي بيده! لكأن ما ترمونهم به نضح النبل».
تنبيهات:
الأول: قال في الإكليل: في قوله تعالى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} الآية، ذم الشعر، والمبالغة في المدح والهجو وغيرهما من فنونه، وجوازه في الزهد والأدب ومكارم الأخلاق وجواز الهجو لمن ظلم، انتصارًا. انتهى.
وحكى الزمخشريّ عن عَمْرو بن عبيد، أن رجلًا من العلوية قال له: إن صدري ليجيش بالشعر. فقال: فما يمنعك منه فيما لا بأس به؟ والقول فيه: أن الشعر باب من الكلام، محسنه كحسن الكلام وقبيحه كقبيح الكلام.
الثاني: ذكر ابن إسحاق أنه لما نزلت: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} جاء حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وكعب بن مالك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكون. قالوا: قد علم الله حين أنزل هذه الآية أنا شعراء. فتلا النبيّ صلى الله عليه وسلم: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} قال: أنتم.
قال ابن كثير: لكن هذه السورة مكية، فكيف يكون سبب نزول هذه الآيات في شعراء الأنصار؟ وفي ذلك نظر. ولم يرو فيه إلا مرسلات لا يعتمد عليها. والله أعلم. ولكن الاستثناء دخل فيه شعراء الأنصار وغيرهم، حتى يدخل فيه من كان متلبسًا من شعراء الجاهلية بذم الإسلام وأهله، ثم تاب وأناب ورجع وأقلع، وعمل صالحًا، وذكر الله كثيرًا، في مقابلة ما تقدم من الكلام السيِّء. فإن الحسنات يذهبن السيئات. وامتدح الإسلام وأهله في مقابلة ما كان يذمه. كما قال: عبد الله بن الزِّبَعْرَى، لما أسلم:
يا رسولَ المليكِ إنّ لساني ** رَاتِقٌ مَا فَتَقْتُ إِذْ أَنَا بُورُ

إِذْ أُجاري الشيطانَ في سَنَنِ ** الغَيّ وَمَنْ مَالَ مَيْلَهُ مَثْبُورُ

وكذلك أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، كان من أشد الناس عداوة للنبيّ صلى الله عليه وسلم فهو ابن عمّه وأكثرهم له هجوًا. فلما أسلم لم يكن أحد أحب إليه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى. وقوله تعالى: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أي مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} تهديد شديد ووعيد أكيد، لما في سيعلم من تهويل متعلقه. وفي الذين ظلموا من إطلاقه وتعميمه. وفي أي: منقلب ينقلبون من إبهامه وتهويله. كأنه لا يمكن معرفته، وقد رأوا ما حاق بهم في الدنيا. ولعذاب الآخرة أشد وأبقى. اهـ.

.قال عبد الكريم الخطيب:

قوله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.
أي دع هؤلاء المتأبّين عليك من أهلك وعشيرتك، وما هم فيه من شرك، وتوكل على اللّه وحده، فهو الذي يشد أزرك، ويمدك بأمداد القوة والعزة، فهو {العزيز} الذي من اعتز به عزّ {الرحيم} الذي يلقاك برحمته، ولا يدعك لأيدى الباغين والسفهاء من قومك.
وفي قوله تعالى: {الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ} تأكيد لرعاية اللّه سبحانه وتعالى للنبى، وإحاطته بعزته ورحمته، فاللّه سبحانه وتعالى يراه، ويطلع على كل حال منه، في سر وجهر، وفي نوم ويقظة، وخصّت الرؤية بحال القيام، لأنها أشرف الأحوال، التي يحبّ النبي أن يراه اللّه عليها، وهو حال قيامه بين يدى ربه للصلاة.
وقوله تعالى: {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} معطوف على الكاف في {يراك} أي يراك في قيامك، ويرى تقلبك في الساجدين.
وتقلّب النبي في الساجدين، هو لقاء المؤمنين في الصلاة. وترديد نظره فيهم، وملاحظة كل منهم، وإعطاؤه حظّه من عنايته ورعايته، وخصت حال السجود من أحوال المؤمنين، لأنها الحال التي تقربهم من الرسول، هذا القرب، وتنزلهم منه تلك المنزلة.
هذا ما نحب أن نفهم الآية الكريمة عليه، أما ما يذهب إليه كثير من المفسرين من أن المراد بتقلّب النبي في الساجدين، هو تنقله من الأصلاب الزّاكية إلى الأرحام الطاهرة، منذ آدم، إلى مولده، صلوات اللّه وسلامه عليه، فهذا لا يزيد من شرف النبي، إن صحّ، ولا ينقص من قدره، إن لم يصح، فإن شرفه صلوات اللّه وسلامه عليه في ذاته، وفيما اختصه اللّه به من فضله وإحسانه.
وقد تحدث القرآن، عن إبراهيم، خليل الرحمن، وأبى الأنبياء، بما يدمغ أباه بالكفر، وبعداوته للّه، كما تحدث عن ابن نوح عليه السلام، بأنه من الذين حق عليهم العذاب! وفي هذا ما يقطع بأن الأنساب لا شأن لها فيما يريد اللّه بعباده من خير وإحسان، أو ما يرميهم به من بلاء وهلاك..!
وفي قوله تعالى: {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} تأكيد لرعاية اللّه سبحانه وتعالى، للنبى، وملاحظته له، وأنه في ضمان ربّ عزيز رحيم، سميع عليم.
الآيات: (221- 227) [سورة الشعراء (26): الآيات 221- 227].
{هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ (223) وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ (226) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227)}.
التفسير:
قوله تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ} هو توكيد للنفى الوارد في قوله تعالى: {وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ}.
فهذا النفي كان ردا على التهم التي يرمى بها المشركون النبي صلّى اللّه عليه وآله من مخالطة الشياطين له، وتآخيهم معه، وأن معه رئيّا منهم يلقى إليه بهذه المقولات التي يحدثهم بها، فقد كان من تصورات الجاهليين، أن الشياطين والجن يخالطون بعض الناس، ويعيشون معهم، وأن الشعراء خاصة هم أقرب الناس إلى هذا العالم الخفي، وأكثرهم اتصالا به، وأن مع كل شاعر فحل، شيطانا، ينظم له الشعر، وفي تاريخ الأدب العربي كثير من الشعر الذي ينسب إلى الجن، إذ لم يعلم له قائل، ومن هذا ما يروى من الشعر في حديث الهجرة وما كان من نزول الرسول- صلى اللّه عليه وآله- وصاحبه أبى بكر، بأمّ معبد، ومما يروى من هذا الشعر، قولهم:
جزى اللّه ربّ الناس خير جزائه ** رفيقين حلّا خيمتى أم معبد

هما نزلا بالبرّ ثم ترحلا ** فأفلح من أمسى رفيق محمد

ليهن بنى كعب مكان فتاتهم ** ومقعدها للمؤمنين بمرصد

ومن هذا أيضا، ذلك الشعر الذي قيل إن الجن رثت به أبا بكر.
ومثله هذا الشعر الذي ينسب إلى الجن في رثاء عمر، وغير ذلك كثير، يمكن أن يجتمع منه ديوان كامل.
فقوله تعالى: {وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ} هو عزل للقرآن الكريم، عن أن يكون من تلك المصادر التي يتلقى منها الشعراء شعرهم، كما يزعم العرب، ثم إن قوله تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} هو عزل للرسول الكريم، عن أن يكون على شاكلة هؤلاء الشعراء الذين يأخذون شعرهم عن الشياطين، كما يزعمون.
فالقرآن الكريم، في علوه الذي لا ينال، أبعد من أن يدخل في وهم الشياطين أن يتطلعوا إليه، وأن يطوفوا بحرمه، ثم على فرض أنهم أرادوا ذلك- تطاولا وسفها- فإنهم لن يبلغوا من هذا مأربا.
وقد تحدى القرآن الإنس والجن أن يأتوا بمثل هذا القرآن، فقال تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (88: الإسراء) فما لهم لا يتصلون بالجن، ويأخذون عنهم مثل ما أخذ النبي؟
وشأن الرسول في هذا شأن القرآن، فهو في مقام عال، وفي حراسة من طهره، وسموه، من أن تلمّ به الأرواح الخبيثة، أو تتعامل معه، لبعد ما بينها وبينه، وللاختلاف الشديد الذي بين طبيعتها وطبيعته.
إن الشياطين، إنما تتنزل، وتتعامل مع أقرب الناس شبها بها، وأكثرهم تجاوبا معها، في الاتجاه إلى غايات الشر، ومواقع الضلال.. {تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ}.. فهذا هو متنزل الشياطين ومهبط وحيهم، أن يتنزّلوا على أهل الإفك والإثم، وعلى من يتعامل بالإفك والإثم، الذي هو كل بضاعتهم، وفي هذا يقول اللّه تعالى: {وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ} (121: الأنعام) والأفّاك: كثير الإفك، وهو افتراء الأحاديث واختلاقها ونسجها من خيوط الباطل والبهتان.
والأثيم: كثير الإثم، وهو المقرف للآثام والمنكرات، دون تحرّج أو تأثّم.
وإذن، فالقرآن- في ذاته- بمعزل عن الشياطين، لا يدنون منه، ولا يطوفون بحرمه.
والنبيّ- في ذاته- على طبيعة من الصفاء والنّقاء والطهر، لا يقترب منها الشيطان، الذي هو طبيعة خبيثة قذرة، لا تميل إلا إلى الخبث والقذر.
شأن الذباب الذي يتهافت على الأقذار، ويتجنب كل نظيف طاهر! وإذن، فإن ما يتحدث به الرسول لن يكون من تلقيات الشياطين أبدا، سواء أكان ما يتحدث به منسوبا إلى السماء، أو منسوبا إليه.
قوله تعالى: {يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ}.
الضمير في {يلقون} يعود إلى الشياطين، والمراد بإلقائهم السّمع، أنهم يتجهون بأسماعهم إلى الملأ الأعلى، ليسترقوا السّمع، ويتحسّسوا ما يكون من أنباء عن العالم الأرضى هناك، حتى إذا وقع لهم شيء من ذلك ألقوا به إلى أوليائهم من الإنس، ليضلّوهم، ويجعلوا منهم صنائع لهم.
وقد كان الشياطين يفعلون ذلك قبل نزول القرآن، فيقع لهم شيء من بعض أخبار السماء، فيحدّثون به أولياءهم، حديثا مختلطا، يجمع بين الصدق والكذب، والحق، والباطل، وفي هذا يقول اللّه تعالى على لسان الجنّ، {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهابًا رَصَدًا} (9: الجن).